الدراسة كمفهوم عام تعني استخدام الوظائف العقلية في تحصيل المعرفة ، حيث تُدرس المادة بترو وتُقرأ بقصد التعلم والتذكر ، وعندما يتم تحقيق هذه العملية بشكل غير فعّال باستمرار ، نقول بأن لدى الطالب عادات خاطئة في الدراسة .
وتتم الدراسة بشكل أساسي خارج غرفة الصف على مدى الحياة ، وأكثر أشكال الدراسة تكراراً هو الواجب البيتي ، حيث يُعطى الطالب واجباً عليه أن يُكمله . ويعتبر الواجب البيتي للكثير من الأسر واحداً من اكبر مصادر الصدام ، مع انه يجب اعتباره مكافئة لعمل الراشدين ، حيث يستخدم الطلاب مهارات التعلم وعادات العمل لديهم في تأدية المهمات المختلفة . والمهم هو القيام بالعمل باستقلالية ، إذ ينبغي تعليم الطلاب عادات الدراسة الجيدة خلال سنوات المدرسة الابتدائية ، والحاجة إلى تحسين المهارات الدراسية تكون أشد في المراحل الثانوية حيث يُتوقع من الطلاب أن يتحملوا الجزء الأكبر من المسؤولية عن تحصيلهم الأكاديمي وعن واجباتهم البيتية ، إلا أنهم قد تنقصهم الدافعية للتعلم والمعرفة لكيفية الدراسة الفعّالة .
تؤدي عادات الدراسة الخاطئة في معظم الأحيان إلى الضعف التحصيلي ، فأداء الطلبة ذوي الضعف التحصيلي أدنى من أدائهم المتنبأ به بواسطة اختبارات الذكاء واختبارات القدرات ، فالطالب يُعتبر ضعيفاً تحصيلياً إذا كان أداؤه أدنى بسنتين من مستوى أداء الطلبة في صفه. فالضعاف تحصيلياً يتشتت انتباههم بسهولة ولا يكملون واجباتهم أو لا يسلمونها في مواعيدها ، كما أن مهاراتهم في القراءة ضعيفة . وحتى يتمكن الطالب من الدراسة الفعلية ينبغي أن تكون لديه المهارات أي أن يكون باستطاعته تغيير سرعته بالقراءة تبعاً لنوع المادة ، وأن يكون قادراً على الاستيعاب وعلى الاستنتاجات .
الأســـباب :-
1. عدم معرفة كيفية الدراسة : كثير من الطلاب لا يعرفون كيف يدرسون ، ربما لأنهم لم يتعلموا مهارات الدراسة من قبل ، أو لأن عادات الدراسة الخاطئة قد تكونت لديهم نتيجة استخدامهم طرقاً التقطوها من مصادر متعددة حولهم دون عناية ، فمن المحتمل أن يكون هؤلاء الطلبة قد تعلموا طرق الدراسة الصحيحة في المدرسة / أو أنها عُلّمت لهم لكنهم لم يفهموها / أو لم يجدوا لديهم الدافعية الكافية لتطبيقها / وقد يكون هؤلاء الطلبة لم يتعلموا مثلاً أن يستخدموا المكتبة أو القاموس أو قراءة خارطة أو جدولاً أو رسماً توضيحياً . فكثيراً ما نسمع عن وجود طرق فعّالة للدراسة في معظم المدارس إلا أن المشكلة الأساسية هي حمل الطلبة على استخدام مثل هذه الطرق . إن الدراسة والواجبات التي تُعطى للبيت هي مسؤولية الطالب قبل كل شيء . إذ يمكن أن يؤدي تدخل الأهل الزائد إلى إعاقة تطور مهارات دراسية مستقلة لدى الطالب ، كما أن الأبوين اللذين يُدرّسان ابنهما في البيت قد يمنعان حصول عادات دراسة جيدة لدى ولدهما عن غير قصد . لذلك ينبغي أن تكون الواجبات المدرسية البيتية مسألة بين المعلم والطالب فالاهتمام الزائد والتدخل المبالغ به من قبل الوالدين قد ينطوي على الاعتقاد بعدم قدرة الطالب على أن يعمل باستقلالية كما أن الإلحاح هو شرط ضروري للدراسة .
2. صعوبات التعلم : إن أي شكل من أشكال التخلف العقلي هو سبب واضح لمشكلات الدراسة وهناك سبب آخر أقل وضوحاً إلا أنه أكثر شيوعاً هو نقص القدرة على التعلم . كثير من المشكلات الجديّة في القراءة مثل الديسليكسيا ( صعوبة القراءة) قد تمضي بدون أن يلاحظها أحد . إن أي ضعف في عملة القراءة مثل تنظيم المدركات أو تكامل الاستيعاب والتذكر يمكن أن يكون سبباً مباشراً في مشكلات الدراسة التي تتطلب القراءة ، وفي مثل هذه الحالة فإن استخدام الأشرطة المسجلة بدلاً من الكتب تحل بشكل فعّال مشكلات التعلم الناتجة عن صعوبات القراءة . كما أن الصعوبات في تعلم موضوعات معينة مثل الحساب والإملاء والعلوم قد تكون ناتجة عن صعوبة تعلم محددة ينبغي تشخيصها من خلال الاختبارات التربوية والنفسية المناسبة . كما أن الإعاقات اللغوية تؤدي أيضاً إلى مشكلات في الدراسة. والطلاب الذين لا يستطيعون الجلوس دون حراك ، والتركيز ، وتجنب المشتتات والتعبير عن الأفكار ، وملاحظة الأخطاء ، أو الذين يتصرفون بقهرية أيضاً لا يستطيعون الدراسة بفاعلية . كذلك قد يكون سبب العادات الدراسية الخاطئة مرتبطاً بخلل في وظيفة الجهاز العصبي المركزي ، فالدماغ هو الذي يحدد ويضبط التعلم كما يحدد سلوكات الضبط الذاتي الضرورية لتحصيل المعلومات .
3. المشكلات النفسية : هناك الكثير من المشكلات النفسية التي يمكن أن تؤدي إلى صعوبات في الدراسة ، فالتوتر الناتج مثلاً عن الخلافات الأسرية أو الخلاف مع الزملاء يمكن أن يؤدي إلى صعوبة في التركيز . وكذلك الأمر بالنسبة لانفعالات القلق والحزن والاضطراب .. كما أن أحلام اليقظة والتعب والإرهاق جميعها تعيق الفاعلية ... أما الفشل والاعتمادية والشعور بعدم الكفاءة والتشاؤم فهذي جميعها تؤدي إلى فقدان الرغبة في محاولة الدراسة أو إلى دراسة غير فعّالة . وقد تستخدم الدراسة السيئة أو الواجب البيتي السيئ كسلاح من قبل الطلاب الذين يريدون الانتقام من أهلهم عن طريق إقلاقهم . وضعف الدافعية للدراسة يمكن أن يأتي من مصادر متعددة منها الخمول الناتج عن تعاطي الأدوية أو العقاقير . وبعض الطلاب يرغبون في البقاء كإعتماديين وتساعدهم عادات الدراسة الخاطئة في ذلك .
أمّا الخوف من النجاح والرغبة في الفشل فيعطيان النتيجة نفسها ، فبعض الطلاب تعلموا الكسل وهم لا يبذلون جهداً حقيقياً ، ولكي يدرس الطلاب لفترة طويلة من الوقت يجب أن يكونوا قد تقبلوا فكرة تأجيل الإشباع ، إذ أن عليهم أن يعملوا بجد في الوقت الراهن لكي يحصلوا على مكافآت مؤجلة مثل العلامات الجيدة ، والمعرفة ، واستحسان الكبار . إن للقيم الثقافية تأثيراً نفسياً قوياً على الطلاب ، فمثلاً إذا كانت الأسرة لا تعطي قيمة عالية للتعليم ولعملية الدراسة فإن أبنائها سوف يتمثلون بهذه القيم ، وبعض الأولاد الفقيرة لا تقدر إمكاناتهم حق قدرها ويعطون توقعات منخفضة. أما الأسر في الطبقة المتوسطة فتستخدم لغة أكثر تعقيداً وتعطي اهتماماً اكبر للعلاقات الاجتماعية.
الوقاية :-
1. زود الطالب بأفضل الظروف الدراسية الممكنة :
* إن العمل هو مسؤولية الكبار أما الدراسة وأداء الواجبات فهما من مسؤوليات الأولاد ، وعلى الكبار أن يقدموا أفضل الظروف الممكنة للطفل لكي يدرس بنفسه .
* ينبغي أن يكون مكان الدراسة هادئاً وخالياً من الفوضى بقدر الإمكان ، وأفضل مكان للدراسة هو مكتب في غرفة النوم مع إضاءة جيدة تأتي من الجانب المعاكس لجهة الكتابة . إذ ينبغي تجنب الضوء الساطع والظلال وتقليل التشتت للحد الأدنى ، كما يجب تنظيم أوقات وجداول محددة للدراسة ، ويمكن أن يتم ذلك في ضوء مناقشة أسرية .
* خلال وقت الدراسة يجب ألاّ يسمح بالمكالمات الهاتفية وأن يتم إبلاغ المتصلين بالطالب أنه لا يستطيع التحدث معهم من خلال وقت دراسته .
* بعض الأهل يجدون أن من المناسب الطلب من الأولاد قضاء بعض الوقت على مكتب الدراسة حتى لو لم تكن لديهم واجبات دراسية ، حيث يمكن أن يقوموا بالقراءة أو التحضير لدرس .
* كما أنه من الضروري أن يدرس الطالب بانتظام حتى لا تتراكم عليه الدروس والمواد اللازمة للدراسة مثل المراجع والصحف والمجلات يجب أن تكون موجودة ويمكن الوصول إليها بسهولة ، كما وتساعد المناقشات الأسرية الايجابية في التوصل إلى أفضل الظروف الدراسية الممكنة لكل طالب مع تحديد أفضل الأوقات للدراسة ، فبعض الطلاب يتعلمون بشكل أفضل خلال أوقات معينة من اليوم . أما عدد ساعات الدراسة فتعتمد على مدى الانتباه ، ويمكن أن تُحدد طريقة لأخذ استراحة قصيرة تقضي في الاستماع للموسيقى أو التمرينات الرياضية أو مجرد الراحة .
* تؤدي المناقشة أيضاً إلى تحديد طريقة القراءة هل هي جهرية أم صامتة . وفي بعض الحالات يمكن تنظيم مجموعة للدراسة من الزملاء أو الأخوة ، وقد تكون هناك حاجة إلى التدريس الفردي الخاص عندما يعاني الولد من مشكلة التعلم.
* بالنسبة لبعض الطلاب قد تكون هناك حاجة لتوفير بعض المكافآت ، أو العقوبات عند الضرورة . إن معظم الأهل يعرفون كيف يستخدمون التعزيز الايجابي مثل مشاهدة التلفاز أو تأخير وقت الذهاب للنوم وذلك كمكافأة للدراسة المنتجة لفترة أطول من الوقت . أما المراهقون فيمكن أن تكون مكافأتهم هي السماح باستخدام السيارة إذا تمّ تحقيق شرط الدراسة بإنتاجية لفترة محددة . إن الملاحظات اليومية أو الأسبوعية التي يرسلها المعلم تقدم معلومات هامة للأبوين عن أداء ابنهما في المدرسة أو عن مدى كفاءته في إنجاز الواجبات .
2. أكد على التمكن والإنجاز والاستقلال : ينبغي العمل على تنمية الشعور بالتمكن منذ الطفولة المبكرة . وقوة الشخصية من خلال إحساس الطالب بقدرته على التأثير في بيئته .يجب استغلال كل فرصة ممكنة لتمكين الطالب من الوصول إلى تحقيق أي هدف مهما كان بسيطاً ، فالدافعية للإنجاز ترافق الطالب عبر المراهقة وفي مرحلة الرشد ، وتظهر هذه الدافعية في درجة شعور الطالب بالرغبة في وضع أهداف وفي القيام بالسلوك الضروري المطلوب لتحقيقها . ودافعية الإنجاز هي من المؤشرات القوية على عادات الدراسة وعلى الأداء المدرسي الجيد بشكل عام .
3. أظهر اتجاهاً إيجابياً نحو التعلم والدراسة : يمكن للأهل تشجيع أبنائهم على تعلم الأشياء واستكشافها ، ويسهم في ذلك توفير المجلات الدورية التربوية والكتب ، وعندما يبدي الطالب اهتماماً بموضوع معين يجب تشجيعه على متابعته وذلك بالمطالعة على المواد المتعلقة بالموضوع ومناقشة المعلومات المتعلقة به . هذا الاهتمام من قِبل الأهل يجعل الطالب يتمتع بالدراسة ويجعله استكشاف الإجابات للأسئلة المتعلقة بالموضوع مثيرة للاهتمام . كما ينبغي على الطلاب أن تراقب الخطوات التي يتبعها الكبار في قراءة تعليمات التجميع لمادة معينة ، ثم في وضع الأجزاء معاً ، ثم قراءة تعليمات التشغيل بصوت مرتفع . وينبغي أن يعتاد أفراد الأسرة على الجلوس معاً للتحدث عن الكتب ولمناقشة الموضوعات وذلك بهدف إثارة حب الاستطلاع للأبناء ، كما وينبغي تشجيع الأولاد على تنمية ميولهم ، ومتابعة التقدم الذي يظهره الطالب في المدرسة ويعرض العمل المدرسي الجيد في البيت والتحدث عنه .
ــ أما العلاج فيكون :
• بتعليم الطالب كيفية مراقبة نفسه أثناء الدرس عن طريق تسجيل مقدار الوقت الفعلي الذي يصرفه في الدراسة ، وغالباً ما تؤدي عملية التسجيل هذه إلى تحسين استغلال الوقت .
• جعل الدراسة وأداء الواجبات عملاً مجزياً فالتوبيخ والتقريع من قِبل الأهل لن يساعد الطالب بل قد يقلل من كمية الإنجاز والضغط المستمر الزائد لا يؤدي إلى تعلم الاستقلالية كعادة دراسية . بل ينبغي الثناء على الطالب عندما يحقق تقدماً في دراسته وتقديم المكافآت أو العقوبات بصورة موضوعية .